فصل: غزوة رسول الله بني لحيان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الطبقات الكبرى **


 غزوة رسول الله الخندق وهي غزوة الأحزاب

ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق وهي غزوة الأحزاب في ذي القعدة سنة خمس من مهاجره قالوا لما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النظير ساروا إلى خيبر فخرج نفر من أشرافهم ووجوههم إلى مكة فألبوا قريشا ودعوهم إلى الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاهدوهم وجامعوهم على قتاله ووعدوهم لذلك موعدا ثم خرجوا من عندهم فأتوا غطفان وسليما ففارقوهم على مثل ذلك وتجهزت قريش وجمعوا أحابيشهم ومن تبعهم من العرب فكانوا أربعة آلاف وعقدوا اللواء في دار الندوة وحمله عثمان بن طلحة بن أبي طلحة وقادوا معهم ثلاثمائة فرس وكان معهم ألف وخمسمائة بعير وخرجوا يقودهم أبو سفيان بن حرب بن أمية ووافتهم بنو سليم بمر الظهران وهم سبعمائة يقودهم سفيان بن عبد شمس حليف حرب بن أمية وهو أبو أبي الأعور السلمي الذي كان مع معاوية بصفين وخرجت معهم بنو أسد يقودهم طلحة بن خويلد الأسدي وخرجت فزارة فأوعبت وهم ألف بعير يقودهم عيينة بن حصن وخرجت أشجع وهم أربعمائة يقودهم مسعود بن رخيلة وخرجت بنو مرة وهم أربعمائة يقودهم الحارث بن عوف وخرج معهم غيرهم وقد روى الزهري أن الحارث بن عوف رجع ببني مرة فلم يشهد الخندق منهم أحد وكذلك روت بنو مرة والأول أثبت أنهم قد شهدوا الخندق مع الحارث بن عوف وهجاه حسان بن ثابت فكان جميع القوم الذين وافوا الخندق ممن ذكر من القبائل عشرة آلاف وهم الأحزاب وكانوا ثلاثة عساكر وعناج الأمر إلى أبي سفيان بن حرب فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فصولهم من مكة ندب الناس وأخبرهم خبر عدوهم وشاورهم في أمرهم فأشار عليه سلمان الفارسي بالخندق فأعجب ذلك المسلمين وعسكر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سفح سلع وجعل سلعا خلف ظهره وكان المسلمون يومئذ ثلاثة آلاف واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ثم خندق على المدينة وجعل المسلمون يعملون مستعجلين يبادرون قدوم عدوهم عليهم وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم بيده لينشط المسلمين ووكل بكل جانب منه قوما فكان المهاجرون يحفرون من ناحية راتج إلى ذباب وكانت الأنصار يحفرون من ذباب إلى بني عبيد وكان سائر المدينة مشبكا بالبنيان فهي كالحصن وخندقت بنو عبد الأشهل عليها مما يلي راتج إلى خلفها حتى جاء الخندق من وراء المسجد وخندقت بنو دينار من عند جربا إلى موضع دار بن أبي الجنوب اليوم وفرغوا من حفره في ستة أيام ورفع المسلمون النساء والصبيان في الآطام وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لثماني ليال مضين من ذي القعدة وكان يحمل لواءه لواء المهاجرين زيد بن حارثة وكان يحمل لواء الأنصار سعد بن عبادة ودس أبو سفيان بن حرب حيي بن أخطب إلى بني قريظة يسألهم أن ينقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكونوا معهم عليه فامتنعوا من ذلك ثم أجابوا إليه وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال حسبنا الله ونعم الوكيل قال ونجم النفاق وفشل الناس وعظم البلاء واشتد الخوف وخيف على الذراري والنساء وكانوا كما قال الله تبارك وتعالى ‏"‏ إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ‏"‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وجاه العدو لا يزولون غير أنهم يتعقبون خندقهم ويحرسونه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث سلمة بن أسلم في مائتي رجل وزيد بن حارثة في ثلاثمائة رجل يحرسون المدينة ويظهرون التكبير وذلك أنه كان يخاف على الذراري من بني قريظة وكان عباد بن بشر على حرس قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غيره من الأنصار يحرسونه كل ليلة فكان المشركون يتناوبون بينهم فيغدو أبو سفيان بن حرب في أصحابه يوما ويغدو خالد بن الوليد يوما ويغدو عمرو بن العاص يوما ويغدو هبيرة بن أبي وهب يوما ويغدو ضرار بن الخطاب الفهري يوما فلا يزالون يجيلون خيلهم ويتفرقون مرة ويجتمعون أخرى ويناوشون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقدمون رماتهم فيرمون فرمى حبان بن العرقة سعد بن معاذ بسهم فأصاب أكحله فقال خذها وأنا بن العرقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الله وجهك في النار ويقال الذي رماه أبو أسامة الجشمي ثم أجمع رؤساؤهم أن يغدوا يوما فغدوا جميعا ومعهم رؤساء سائر الأحزاب وطلبوا مضيقا من الخندق يقحمون منه خيلهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلم يجدوا ذلك وقالوا إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تصنعها فقيل لهم إن معه رجلا فارسيا أشار عليه بذلك قالوا فمن هناك إذا فصاروا إلى مكان ضيق أغفله المسلمون فعبر عكرمة بن أبي جهل ونوفل بن عبد الله وضرار بن الخطاب وهبيرة بن أبي وهب وعمرو بن عبد ود فجعل عمرو بن عبد ود يدعو إلى البراز ويقول

ولقد بححت من النداء ** لجمعهم هل من مبارز

وهو بن تسعين سنة فقال علي بن أبي طالب أنا أبارزه يا رسول الله فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه وعممه وقال اللهم أعنه عليه ثم برز له ودنا من صاحبه وثارت بينهما غبرة وضربه علي فقتله وكبر فعلمنا أنه قد قتله وولى أصحابه هاربين وظفرت بهم خيولهم وحمل الزبير بن العوام على نوفل بن عبد الله بالسيف فضربه فشقه باثنين ثم اتعدوا أن يغدوا من الغد فباتوا يعبئون أصحابهم وفرقوا كتائبهم ونحوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتيبة غليظة فيها خالد بن الوليد فقاتلوهم يومهم ذلك إلى هوي من الليل ما يقدرون أن يزولوا من موضعهم ولا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ظهرا ولا عصرا ولا مغربا ولا عشاء حتى كشفهم الله فرجعوا متفرقين إلى منازلهم وعسكرهم وانصرف المسلمون إلى قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام أسيد بن الحضير في الخندق في مائتين من المسلمين وكر خالد بن الوليد في خيل من المشركين يطلبون غرة من المسلمين فناوشوهم ساعة ومع المشركين وحشي فزرق الطفيل بن النعمان من بني سلمة بمزراقه فقتله وانكشفوا وصار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبته فأمر بلالا فأذن وأقام الظهر فصلى ثم أقام بعد كل صلاة إقامة وصلى هو وأصحابه ما فاتهم من الصلوات وقال شغلونا عن الصلاة الوسطى يعني العصر ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا ولم يكن لهم بعد ذلك قتال جميعا حتى انصرفوا إلا أنهم لا يدعون يبعثون الطلائع بالليل يطمعون في الغارة وحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح غطفان على أن يعطيهم ثلث الثمرة ويخذلوا بين الناس وينصرفوا عنه فأبت ذلك الأنصار فترك ما كان أراد من ذلك وكان نعيم بن مسعود الأشجعي قد أسلم فحسن إسلامه فمشى بين قريش وقريظة وغطفان وأبلغ هؤلاء عن هؤلاء كلاما وهؤلاء عن هؤلاء كلاما يري كل حزب منهم أنه ينصح له فقبلوا قوله وخذله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واستوحش كل حزب من صاحبه وطلبت قريظة من قريش الرهن حتى يخرجوا فيقاتلوا معهم فأبت ذلك قريش واتهموهم واعتلت قريظة عليهم بالسبت وقالوا لا نقاتل فيه لأن قوما منا عدوا في السبت فمسخوا قردة وخنازير فقال أبو سفيان بن حرب ألا أراني أستعين بإخوة القردة والخنازير وبعث الله الريح ليلة السبت ففعلت بالمشركين وتركت لا تقر لهم بناء ولا قدرا وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان إليهم ليأتيه بخبرهم وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تلك الليلة فقال أبو سفيان بن حرب يا معشر قريش إنكم لستم بدار مقام لقد هلك الخف والحافر وأجدب الجناب وأخلفتنا بنو قريظة ولقد لقينا من الريح ما ترون فارتحلوا فإني مرتحل وقام فجلس على بعيره وهو معقول ثم ضربه فوثب على ثلاث قوائم فما أطلق عقاله إلا بعدما قام وجعل الناس يرحلون وأبو سفيان قائم حتى خف العسكر فأقام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد في مائتي فارس ساقة للعسكر ورداءا لهم مخافة الطلب فرجع حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك كله وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بحضرته أحد من العساكر قد انقشعوا إلى بلادهم فأذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين في الانصراف إلى منازلهم فخرجوا مبادرين مسرورين بذلك وكان فيمن قتل أيضا في أيام الخندق أنس بن أوس بن عتيك من بني عبد الأشهل قتله خالد بن الوليد وعبد الله بن سهل الأشهلي وثعلبة بن عنمة بن عدي بن نابىء قتله هبيرة بن أبي وهب وكعب بن زيد من بني دينار قتله ضرار بن الخطاب وقتل أيضا من المشركين عثمان بن منبه بن عبيد بن السباق من بني عبد الدار بن قصي وحاصرهم المشركون خمس عشرة ليلة وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لسبع ليال بقين من ذي القعدة سنة خمس أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال خرج المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق في غداة باردة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إن الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجره فأجابوه نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس بن مالك أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون وهم يحفرون الخندق نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إن الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجره وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبز شعير عليه إهالة سنخة فأكلوا منها وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما الخير خير الآخرة أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نحفر الخندق وننقل التراب على أكتافنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجره أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق الهمداني عن البراء بن عازب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ينقل معنا التراب وقد وارى التراب بياض بطنه ويقول

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ** ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا ** وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الأولى لقد بغوا علينا ** إذا أرادوا فتنة أبينا

أبينا يرفع بها صوته صلى الله عليه وسلم أخبرنا أبو الوليد الطيالسي أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال كان يوم الخندق بالمدينة قال فجاء أبو سفيان بن حرب ومن معه من قريش ومن تبعه من كنانة وعيينة بن حصن ومن تبعه من غطفان وطليحة ومن تبعه من بني أسد وأبو الأعور ومن تبعه من بني سليم وقريظة كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فنقظوا ذلك وظاهروا المشركين فأنزل الله تعالى فيهم وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم فأتى جبريل عليه السلام ومعه الريح فقال حين رأى جبريل ألا أبشروا ثلاثا فأرسل الله عليهم الريح فهتكت القباب وكفأت القدور ودفنت الرحال وقطعت الأوتاد فانطلقوا لا يلوي أحد على أحد فأنزل الله تعالى إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بشر وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع إلى منزله غسل جانب رأسه الأيمن وبقي الأيسر قال فقال له يعني جبريل صلى الله عليه وسلم ألا أراك تغسل رأسك فوالله ما نزلنا بعد انهض فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ينهضوا إلى بني قريظة أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني هشام بن حسان أخبرنا محمد بن سيرين أخبرنا عبيدة أخبرنا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي أخبرنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي حسان عن عبيدة عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنهم لم يصلوا يوم الأحزاب العصر حتى غربت الشمس أو قال آبت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم املأ بيوتهم نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس أو قال آبت الشمس قال فعرفنا أن صلاة الوسطى هي العصر أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن عاصم عن زر بن حبيش عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ما لهم ملأ الله قبورهم نارا كما شغلونا عن صلاة الوسطى وهي العصر أخبرنا محمد بن معاوية النيسابوري أخبرنا بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عبد الله بن عوف عن أبي جمعة وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب فلما فرغ قال هل علم أحد منكم أني صليت العصر قالوا يا رسول الله صلى الله عليك ما صليناها فأمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى العصر ثم أعاد المغرب أخبرنا الحسن بن موسى أخبرنا زهير أخبرنا أبو إسحاق عن المهلب بن أبي صفرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حفر الخندق وخاف أن يبيته أبو سفيان فقال إن بيتم فإن دعواكم حم لا ينصرون حدثنا الفضل بن دكين أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن المهلب بن أبي صفرة قال حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق وإني لا أرى القوم إلا مبيتيكم الليلة كان شعاركم حم لا ينصرون أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال قال سعيد بن المسيب حاصر النبي صلى الله عليه وسلم المشركون الخندق أربعا وعشرين ليلة أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن الزهري عن أبي المسيب قال لما كان يوم الأحزاب حصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب وحتى قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك اللهم إنك إن تشأ لا تعبد فبينا هم على ذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن بن بدر أرأيت إن جعلت لكم ثلث ثمر الأنصار أترجع بمن معك من غطفان وتخذل بين الأحزاب فأرسل إليه عيينة إن جعلت لي الشطر فعلت فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فأخبرهما بذلك فقالا إن كنت أمرت بشيء فامض لأمر الله قال لو كنت أمرت بشيء ما أستأمر بكما ولكن هذا رأي أعرضه عليكما قالا فإنا نرى أن لا نعطيهم إلا السيف قال محمد بن حميد قال معمر عن بن أبي نجيح فبينا هم على ذلك إذ جاء نعيم بن مسعود الأشجعي وكان يأمنه الفريقان جميعا فخذل بين الناس فانطلق الأحزاب منهزمين من غير قتال فذلك قوله وكفى الله المؤمنين القتال أخبرنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي البصري أخبرنا كثير بن زيد قال سمعت عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال سمعت جابر بن عبد الله قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الأحزاب يوم الإثنين ويوم الثلثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين الظهر والعصر فعرفنا البشر في وجهه قال جابر فلم ينزل بي أمر مهم غائظ إلا توخيت تلك الساعة من ذلك اليوم فدعوت الله فأعرف الإجابة أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد أنه سمع عبد الله بن أبي أوفى يقول دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب على المشركين فقال اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم‏.‏

 غزوة رسول الله إلى بني قريظة

ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة في ذي القعدة سنة خمس من مهاجره قالوا لما انصرف المشركون عن الخندق ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيت عائشة أتاه جبريل فوقف عند موضع الجنائز فقال عذيرك من محارب فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا فقال إن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل بهم حصونهم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله تعالى عنه فدفع إليه لواءه وبعث بلالا فنادى في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم ألا تصلوا العصر إلا في بني قريظة واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ثم سار إليهم في المسلمين وهم ثلاثة آلاف والخيل ستة وثلاثون فرسا وذلك يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة فحاصرهم خمسة عشر يوما أشد الحصار ورموا بالنبل فانجحروا فلم يطلع منهم أحد فلما اشتد عليهم الحصار أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر فأرسله إليهم فشاوروه في أمرهم فأشار إليهم بيده أنه الذبح ثم ندم فاسترجع وقال خنت الله ورسوله فانصرف فارتبط في المسجد ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله توبته ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة فكتفوا ونحوا ناحية وأخرج النساء والذرية فكانوا ناحية واستعمل عليهم عبد الله بن سلام وجمع أمتعتهم وما وجد في حصونهم من الحلقة والأثاث والثياب فوجد فيها ألف وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع وألفا رمح وألف وخمسمائة ترس وحجفة وخمر وجرار سكر فأهريق ذلك كله ولم يخمس ووجدوا جمالا نواضح وماشية كثيرة وكلمت الأوس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهبهم لهم وكانوا حلفاءهم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ فحكم فيهم أن يقتل كل من جرت عليه المواسي وتسبى النساء والذرية وتقسم الأموال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخميس لسبع ليال خلون من ذي الحجة ثم أمر بهم فأدخلوا المدينة وحفر لهم أخدودا في السوق وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه وأخرجوا إليه رسلا رسلا فضربت أعناقهم فكانوا ما بين ستمائة إلى سبعمائة واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت عمرو لنفسه وأمر بالغنائم فجمعت فأخرج الخمس من المتاع والسبي ثم أمر بالباقي فبيع في من يزيد وقسمه بين المسلمين فكانت السهمان على ثلاثة آلاف واثنين وسبعين سهما للفرس سهمان ولصاحبه سهم وصار الخمس إلى محمية بن جزء الزبيدي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتق منه ويهب منه ويخدم منه من أراد وكذلك صنع بما صار إليه من الرثة أخبرنا كثير بن هشام أخبرنا جعفر بن برقان أخبرنا يزيد يعني بن الأصم قال لما كشف الله الأحزاب ورجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته فأخذ يغسل رأسه أتاه جبريل عليه السلام فقال عفا الله عنك وضعت السلاح ولم تضعه ملائكة الله إئتنا عند حصن بني قريظة فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس أن ائتوا حصن بني قريظة ثم اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم عند الحصن أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي أخبرنا جويرية بن أسماء عن نافع عن بن عمر أن الأحزاب لما انصرفوا نادى فيهم يعني النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة فتخوف ناس فوت الصلاة فصلوا وقال آخرون لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن فات الوقت قال فما عنف رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا من الفريقين أخبرنا شهاب بن عباد العبدي أخبرنا إبراهيم بن حميد الرؤاسي عن إسماعيل بن أبي خالد عن البهي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى قريظة ركب على حمار عري والناس يمشون أخبرنا موسى بن إسماعيل أخبرنا جرير بن حازم عن حميد عن أنس بن مالك قال كأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم موكب جبريل عليه السلام حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا عبد العزيز بن أبي سلمة أخبرني عمي الماجشون قال جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب على فرس عليه عمامة سوداء قد أرخاها بين كتفيه على ثناياه الغبار وتحته قطيفة حمراء فقال أوضعت السلاح قبل أن نضعه إن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال حاصر نبي الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة أربع عشرة ليلة أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان وأخبرنا عمرو بن الهيثم عن شعبة جميعا عن عبد الملك بن عمير أخبرنا عطية القرظي قال كنت فيمن أخذ يوم قريظة فكانوا يقتلون من أنبي ويتركون من لم ينبت فكنت فيمن لم ينبت أخبرنا عمرو بن عاصم أخبرنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريظة ولث من عهد فلما جاءت الأحزاب بما جاؤوا به من الجنود نقضوا العهد وزاهروا المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الله الجنود والريح فانطلقوا هاربين وبقي الآخرون في حصنهم قال فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه السلاح فجاء جبريل صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليه فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متساند إلى لبان الفرس قال يقول جبريل ما وضعنا السلاح بعد وإن الغبار لعاصب على حاجبه انهد إلى بني قريظة قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في أصحابي جهدا فلو أنظرتهم أياما قال يقول جبريل عليه السلام انهد إليهم لأدخلن فرسي هذا عليهم في حصونهم ثم لأضعضعنها قال فأدبر جبريل عليه السلام ومن معه من الملائكة حتى سطع الغبار في زقاق بني غنم من الأنصار وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبله رجل من أصحابه فقال يا رسول الله اجلس فلنكفك قال وما ذاك قال سمعتهم ينالون منك قال قد أوذي موسى بأكثر من هذا قال وانتهى إليهم فقال يا إخوة القردة والخنازير إياي إياي قال فقال بعضهم لبعض هذا أبو القاسم ما عهدناه فحاشا قال وقد كان رمي أكحل سعد بن معاذ فرقأ الجرح وأجلب ودعا الله أن لا يميته حتى يشفي صدره من بني قريظة قال فأخذهم من الغم في حصنهم ما أخذهم فنزلوا على حكم سعد بن معاذ من بين الخلق قال فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم قال حميد قال بعضهم وتكون الديار للمهاجرين دون الأنصار قال فقالت الأنصار إخوتنا كنا معهم فقال إني أحببت أن يستغنوا عنكم قال فلما فرغ منهم وحكم فيهم بما حكم مرت عليه عنز وهو مضطجع فأصابت الجرح بظلفها فما رقأ حتى مات وبعث صاحب دومة الجندل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببغلة وجبة من سندس فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبون من حسن الجبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن يعني من هذا سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء‏:‏ ثم سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء خرج لعشر ليال خلون من المحرم على رأس تسعة وخمسين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في ثلاثين راكبا إلى القرطاء وهم بطن من بني بكر من كلاب وكانوا ينزلون البكرات بناحية ضرية وبين ضرية والمدينة سبع ليال وأمره أن يشن عليهم الغارة فسار الليل وكمن النهار وأغار عليهم فقتل نفرا منهم وهرب سائرهم واستاق نعما وشاء ولم يعرض للطعن وانحدر إلى المدينة فخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به وفض على أصحابه ما بقي فعدلوا الجزور بعشر من الغنم وكانت النعم مائة وخمسين بعيرا والغنم ثلاثة آلاف شاة وغاب تسع عشرة ليلة وقدم لليلة بقيت من المحرم ‏.‏

 غزوة رسول الله بني لحيان

ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بني لحيان وكانوا بناحية عسفان في شهر ربيع الأول سنة ست من مهاجره قالوا وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عاصم بن ثابت وأصحابه وجدا شديدا فأظهر أنه يريد الشام وعسكر لغرة هلال شهر ربيع الأول في مائتي رجل ومعهم عشرون فرسا واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ثم أسرع السير حتى انتهى إلى بطن غران وبينها وبين عسفان خمسة أميال حيث كان مصاب أصحابه فترحم عليهم ودعا لهم فسمعت بهم بنو لحيان فهربوا في رؤوس الجبال فلم يقدر منهم على أحد فأقام يوما أو يومين فبعث السرايا في كل ناحية فلم يقدروا على أحد ثم خرج حتى أتى عسفان فبعث أبا بكر في عشرة فوارس لتسمع به قريش فيذعرهم فأتوا الغميم ثم رجعوا ولم يلقوا أحدا ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو يقول آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون وغاب عن المدينة أربع عشرة ليلة أخبرنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق حدثني عاصم بن عمر وعبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة بني لحيان وأظهر أنه يريد الشام ليصيب منهم غرة فخرج من المدينة فسلك على غراب ثم على مخيض ثم على البتراء ثم صفق ذات اليسار فخرج على بيبن ثم على صخيرات الثمام ثم استقام به الطريق على السيالة فأغذ السير ريعا حتى نزل على غران هكذا قال بن إدريس وهي منازل بني لحيان فوجدهم قد تمنعوا في رؤوس الجبال فلما أخطأه من عدوه ما أراد قالوا لو أنا هبطنا عسفان فنري أهل مكة أنا قد جئناها فخرج في مائتي راكب من أصحابه حتى نزل عسفان ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم ثم كرا وراح قافلا فكان جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تائبون آئبون إن شاء الله حامدون لربنا عابدون أعوذ بالله من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال أخبرنا روح بن عبادة أخبرنا حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سعيد مولى المهدي عن أبي سعيد الخدري قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا إلى بني لحيان من هذيل وقال لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل عن أبيه عن وهب قال أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أول ما غزا عسفان ثم رجع آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون ‏.‏

 غزوة رسول الله الغابة

ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الغابة وهي على بريد من المدينة طريق الشام في شهر ربيع الأول سنة ست من مهاجره قالوا كانت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عشرون لقحة ترعى بالغابة كان أبو ذر فيها فأغار عليهم عيينة بن حصن ليلة الأربعاء في أربعين فارسا فاستاقوها وقتلوا بن أبي ذر وجاء الصريخ فنادى الفزع الفزع فنودي يا خيل الله اركبي وكان أول ما نودي بها وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج غداة الأربعاء في الحديد مقنعا فوقف فكان أول من أقبل إليه المقداد بن عمرو وعليه الدرع والمغفر شاهرا سيفه فعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء في رمحه وقال امض حتى تلحقك الخيول إنا على أثرك واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة عبد الله بن أم مكتوم وخلف سعد بن عبادة في ثلاثمائة من قومه يحرسون المدينة قال المقداد فخرجت فأدركت أخريات العدو وقد قتل أبو قتادة مسعدة فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه وسلاحه وقتل عكاشة بن محصن أثار بن عمرو بن أثار وقتل المقداد بن عمرو حبيب بن عيينة بن حصن وقرفة بن مالك بن حذيفة بن بدر وقتل من المسلمين محرز بن نضلة قتله مسعدة وأدرك سلمة بن الأكوع القوم وهو على رجليه فجعل يراميهم بالنبل ويقول خذها وأنا ابن الأكوع اليوم يوم الرضع حتى انتهى بهم إلى ذي قرد وهي ناحية خيبر مما يلي المستناخ قال سلمة فلحقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس والخيول عشاء فقلت يا رسول الله إن القوم عطاش فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما بأيديهم من السرح وأخذت بأعناق القوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ملكت فأسجح ثم قال إنهم الآن ليقرون في غطفان وذهب الصريخ إلى بني عمرو بن عوف فجاءت الأمداد فلم تزل الخيل تأتي والرجال على أقدامهم وعلى الإبل حتى انتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد فاستنقذوا عشر لقائح وأفلت القوم بما بقي وهي عشر وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد صلاة الخوف وأقام به يوما وليلة يتحسس الخبر وقسم كل مائة من أصحابه جزورا ينحرونها وكانوا خمسمائة ويقال سبعمائة وبعث إليه سعد بن عبادة بأحمال تمر وبعشر جزائر فوافت رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد والثبت عندنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر على هذه السرية سعد بن زيد الأشهلي ولكن الناس نسبوها إلى المقداد لقول حسان بن ثابت غداة فوارس المقداد فعاتبه سعد بن زيد فقال اضطرني الروي إلى المقداد ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يوم الإثنين وقد غاب خمس ليال أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا عكرمة بن عمار العجلي أخبرنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال خرجت أنا ورباح غلام النبي صلى الله عليه وسلم بظهر النبي صلى الله عليه وسلم وخرجت بفرس لطلحة بن عبيد الله كنت أريد أن أنديه مع الإبل فلما أن كان بغلس أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل راعيها وخرج يطردها هو وأناس معه في خيل فقلت يا رباح اقعد على هذا الفرس فألحقه بطلحة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أغير على سرحه قال وقمت على تل فجعلت وجهي من قبل المدينة ثم ناديت ثلاث مرات يا صباحاه ثم اتبعت القوم ومعي سيفي ونبلي فجعلت أرميهم وأعقر بهم وذلك حين يكثر الشجر فإذا رجع إلي فارس جلست له في أصل شجرة ثم رميت فلا يقبل علي فارس إلا عقرت به فجعلت أرميهم وأقول‏:‏أنا بن الأكوع واليوم يوم الرضع فألحق برجل فأرميه وهو على رحله فيقع سهمي في الرجل حتى انتظمت كبده فقلت خذها وأنا بن الأكوع واليوم يوم الرضع فإذا كنت في الشجرة أحدقتهم بالنبل وإذا تضايقت الثنايا علوت الجبل فرميتهم بالحجارة فما زال ذلك شأني وشأنهم أتبعهم وأرتجز حتى ما خلق الله شيئا من ظهر النبي صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري واستنقذته من أيديهم ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحا وأكثر من ثلاثين بردة يستخفون منها ولا يلقون من ذلك شيئا إلا جعلت عليه حجارة وجمعته على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا امتد الضحى أتاهم عيينة بن بدر الفزاري مددا لهم وهم في ثنية ضيقة ثم علوت الجبل فأنا فوقهم قال عيينة ما هذا الذي أرى قالوا لقينا من هذا البرح ما فارقنا بسحر حتى الآن وأخذ كل شيء في أيدينا وجعله وراء ظهره فقال عيينة لولا أن هذا يرى أن وراءه طلبا لقد ترككم ثم قال ليقم إليه نفر منكم فقام إلي نفر منهم أربعة فصعدوا في الجبل فلما أسمعتهم الصوت قلت لهم أتعرفونني قالوا ومن أنت قلت أنا بن الأكوع والذي كرم وجه محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني فقال رجل منهم إن ذا ظن قال فما برحت مقعدي ذلك حتى نظرت إلى فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر وإذا أولهم الأخرم الأسدي وعلى أثره أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أثر أبي قتادة المقداد فولى المشركون مدبرين وأنزل من الجبل فأعرض للأخرم فآخذ عنان فرسه قلت يا أخرم انذر القوم يعني احذرهم فإني لا آمن أن يقتطعوك فاتئد حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة فخليت عنان فرسه فيلحق بعبد الرحمن بن عيينة ويعطف عليه عبد الرحمن فاختلفا طعنتين فعقر الأخرم بعبد الرحمن فطعنه عبد الرحمن فقتله فتحول عبد الرحمن على فرس الأخرم فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن فاختلفا طعنتين فعقر بأبي قتادة وقتله أبو قتادة وتحول أبو قتادة على فرس الأخرم ثم إني خرجت أعدو في أثر القوم حتى ما أرى من غبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ويعرضون إلى شعب فيه ماء يقال له ذو قرد فأرادوا أن يشربوا منه فأبصروني أعدو وراءهم فعطفوا عنه وأسندوا في الثنية ثنية ذي دبر وغربت الشمس فألحق رجلا فأرميه فقلت خذها وأنا بن الأكوع واليوم يوم الرضع فقال يا ثكل أمي أأكوعي بكرة قال قلت نعم يا عدو نفسه فكان الذي رميته بكرة فاتبعته بسهم آخر فعلق فيه سهمان ويخلفون فرسين فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي حلأتهم عنه ذو قرد فإذا نبي الله في خمسمائة وإذا بلال قد نحر جزورا مما خلفت فهو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله خلني فأنتخب من أصحابك مائة فآخذ على الكفار بالعشوة فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته قال أكنت فاعلا ذلك يا سلمة قلت نعم والذي أكرمك فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت نواجذه في ضوء النار ثم قال إنهم الآن يقرون بأرض بني غطفان فجاء رجل من غطفان فقال مروا على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورا فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة فتركوها وخرجوا هرابا فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا اليوم سلمة فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الراجل والفارس ثم أردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة فلما كان بيننا وبينها قريبا من ضحوة وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق جعل ينادي هل من مسابق ألا رجل يسابق إلى المدينة فأعاد ذلك مرارا وأنا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم مردفي فقلت له ما تكرم كريما ولا تهاب شريفا قال لا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي خلني فلأسابق الرجل فقال إن شئت فقلت اذهب إليك فطفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة ثم إني ربطت عليه شرفا أو شرفين يعني اسبقيت نفسي ثم إني عدوت حتى ألحقه فأصك بين كتفيه بيدي قلت سبقتك والله إلى فوزه أو كلمة نحوها قال فضحك وقال إني إن أظن حتى قدمنا المدينة سرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الغمر‏:‏ ثم سرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الغمر غمر مرزوق وهو ماء لبني أسد على ليلتين من فيد طريق الأول إلى المدينة وكانت في شهر ربيع الأول سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عكاشة بن محصن إلى الغمر في أربعين رجلا فخرج سريعا يغذ السير ونذر به القوم فهربوا فنزلوا علياء بلادهم ووجدوا دارهم خلوفا فبعث شجاع بن وهب طليعة فرأى أثر النعم فتحملوا فأصابوا ربيئة لهم فأمنوه فدلهم على نعم لبني عم له فأغاروا عليها فاستاقوا مائتي بعير فأرسلوا الرجل وحدروا النعم إلى المدينة وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلقوا كيدا سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة‏:‏ ثم سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة في شهر ربيع الآخر سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة إلى بني ثعلبة وبني عوال من ثعلبة وهم بذي القصة وبينها وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا طريق الربذة في عشرة نفر فوردوا عليهم ليلا فأحدق به القوم وهم مائة رجل فتراموا ساعة من الليل ثم حملت الأعراب عليهم بالرماح فقتلوهم ووقع محمد بن مسلمة جريحا فضرب كعبه فلا يتحرك وجردوهم من الثياب ومر بمحمد بن مسلمة رجل من المسلمين فحمله حتى ورد به المدينة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في أربعين رجلا إلى مصارع القوم فلم يجدوا أحدا ووجدوا نعما وشاء فساقه ورجع سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة‏:‏ ثم سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة في شهر ربيع الآخر سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أجدبت بلاد بني ثعلبة وأنمار ووقعت سحابة بالمراض إلى تغلمين والمراض على ستة وثلاثين ميلا من المدينة فسارت بنو محارب وثعلبة وأنمار إلى تلك السحابة وأجمعوا أن يغيروا على سرح المدينة وهو يرعى بهيفا موضع على سبعة أميال من المدينة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في أربعين رجلا من المسلمين حين صلوا المغرب فمشوا إليهم حتى وافوا ذا القصة مع عماية الصبح فأغاروا عليهم فأعجزوهم هربا في الجبال وأصاب رجلا واحدا فأسلم وتركه فأخذ نعما من نعمهم فاستاقه ورثة من متاعهم وقدم بذلك المدينة فخمسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسم ما بقي عليهم سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم‏:‏ ثم سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم في شهر ربيع الآخر سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى بني سليم فسار حتى ورد الجموم ناحية بطن نخل عن يسارها وبطن نخل من المدينة على أربعة برد فأصابوا عليه امرأة من مزينة يقال لها حليمة فدلتهم عن محله من محال بني سليم فأصابوا في تلك المحلة نعما وشاء وأسرى فكان فيهم زوج حليمة المزنية فلما قفل زيد بن حارثة بما أصاب وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمزنية نفسها وزوجها فقال بلال بن الحارث في ذلك شعرا‏:‏ لعمرك ما أخنى المسول ولا ونت حليمة حتى راح ركبهما معا سرية زيد بن حارثة إلى العيص‏:‏ ثم سرية زيد بن حارثة إلى العيص وبينها وبين المدينة أربع ليال وبينها وبين ذي المروة ليلة في جمادي الأولى سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عيرا لقريش قد أقبلت من الشام فبعث زيد بن حارثة في سبعين ومائة راكب يتعرض لها فأخذوها وما فيها وأخذوا يومئذ فضة كثيرة لصفوان بن أمية وأسروا ناسا ممن كان في العير منهم أبو العاص بن الربيع وقدم بهم المدينة فاستجار أبو العاص بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجارته ونادت في الناس حين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر إني قد أجرت أبا العاص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علمت بشيء من هذا وقد أجرنا من أجرت ورد عليه ما أخذ منه سرية زيد بن حارثة إلى الطرف‏:‏ ثم سرية زيد بن حارثة إلى الطرف في جمادي الآخرة سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى الطرف وهو ماء قريب من المراض دون النخيل على ستة وثلاثين ميلا من المدينة طريق البقرة على المحجة فخرج إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا فأصاب نعما وشاء وهربت الأعراب وصبح زيد بالنعم المدينة وهي عشرون بعيرا ولم يلق كيدا وغاب أربع ليال وكان شعارهم أمت أمت سرية زيد بن حارثة إلى حسمى‏:‏ ثم سرية زيد بن حارثة إلى حسمى وهي وراء وادي القرى في جمادي الآخرة سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أقبل دحية بن خليفة الكلبي من عند قيصر وقد أجاره وكساه فلقيه الهنيد بن عارض وابنه عارض بن الهنيد في ناس من جذام بحسمى فقطعوا عليه الطريق فلم يتركوا عليه إلا سمل ثوب فسمع بذلك نفر من بني الضبيب فنفروا إليهم فاستنقذوا لدحية متاعه وقدم دحية على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فبعث زيد بن حارثة في خمسمائة رجل ورد معه دحية فكان زيد يسير الليل ويكمن النهار ومعه دليل له من بني عذرة فأقبل بهم حتى هجم بهم مع الصبح على القوم فأغاروا عليهم فقتلوا فيهم فأوجعوا وقتلوا الهنيد وابنه وأغاروا على ماشيتهم ونعمهم ونسائهم فأخذوا من النعم ألف بعير ومن الشاء خمسة آلاف شاة ومن السبي مائة من النساء والصبيان فرحل زيد بن رفاعة الجذامي في نفر من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابه الذي كان كتب له ولقومه ليالي قدم عليه فأسلم وقال يا رسول الله لا تحرم علينا حلالا ولا تحل لنا حراما فقال كيف أصنع بالقتلى قال أبو يزيد بن عمرو أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا ومن قتل فهو تحت قدمي هاتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبو يزيد فبعث معهم عليا رضي الله تعالى عنه إلى زيد بن حارثة يأمره أن يخلي بينهم وبين حرمهم وأموالهم فتوجه علي فلقي رافع بن مكيث الجهني بشير زيد بن حارثة على ناقة من إبل القوم فردها علي على القوم ولقي زيدا بالفحلتين وهي بين المدينة وذي المروة فأبلغه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد إلى الناس كل ما كان أخذ لهم سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى‏:‏ ثم سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى في رجب سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا أميرا سنة ست ثم سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل في شعبان سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف فأقعده بين يديه وعممه بيده وقال أغز بسم الله وفي سبيل الله فقاتل من كفر بالله لا تغل ولا تغدر ولا تقتل وليدا وبعثه إلى كلب بدومة الجندل وقال إن استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم فسار عبد الرحمن حتى قدم دومة الجندل فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام فأسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي وكان نصرانيا وكان رأسهم وأسلم معه ناس كثير من قومه وأقام من أقام على إعطاء الجزية وتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ وقدم بها إلى المدينة وهي أم أبي سلمة بن عبد الرحمن سرية علي بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك‏:‏ ثم سرية علي بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك في شعبان سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر فبعث إليهم علي بن أبي طالب في مائة رجل فسار الليل وكمن النهار حتى انتهى إلى الهمج وهو ماء بين خيبر وفدك وبين فدك والمدينة ست ليال فوجدوا به رجلا فسألوه عن القوم فقال أخبركم على أنكم تؤمنوني فآمنوه فدلهم فأغاروا عليهم فأخذوا خمسمائة بعير وألفي شاة وهربت بنو سعد بالظعن ورأسهم وبر بن عليم فعزل علي صفي النبي صلى الله عليه وسلم لقوحا تدعى الحفذة ثم عزل الخمس وقسم سائر الغنائم على أصحابه وقدم المدينة ولم يلق كيدا سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة بوادي القرى‏:‏ ثم سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة بناحية بوادي القرى على سبع ليال من المدينة في شهر رمضان سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا خرج زيد بن حارثة في تجارة إلى الشام ومعه بضائع لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان دون وادي القرى لقيه ناس من فزارة من بني بدر فضربوه وضربوا أصحابه وأخذوا ما كان معهم ثم استبل زيد وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فكمنوا النهار وساروا الليل ونذرت بهم بنو بدر ثم صبحهم زيد وأصحابه فكبروا وأحاطوا بالحاضر وأخذوا أم قرفة وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر وابنتها جارية بنت مالك بن حذيفة بن بدر فكان الذي أخذ الجارية مسلمة بن الأكوع فوهبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبها رسول الله بعد ذلك لحزن بن أبي وهب وعمد قيس بن المحسر إلى أم قرفة وهي عجوز كبيرة فقتلها قتلا عنيفا ربط بين رجليها حبلا ثم ربطها بين بعيرين ثم زجرهما فذهبا فقطعاها وقتل النعمان وعبيد الله ابني مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك فقرع باب النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه عريانا يجر ثوبه حتى اعتنقه وقبله وسايله فأخبره بما ظفره الله به سرية عبد الله بن عتيك إلى أبي رافع‏:‏ ثم سرية عبد الله بن عتيك إلى أبي رافع سلام بن أبي الحقيق النضري بخيبر في شهر رمضان سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا كان أبو رافع بن أبي الحقيق قد أجلب في غطفان ومن حوله من مشركي العرب وجعل لهم الحفل العظيم لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث رسول الله عبد الله بن عتيك وعبد الله بن أنيس وأبا قتادة والأسود بن خزاعي ومسعود بن سنان وأمرهم بقتله فذهبوا إلى خيبر فكمنوا فلما هدأت الرجل جاؤوا إلى منزله فصعدوا درجة له وقدموا عبد الله بن عتيك لأنه كان يرطن باليهودية فاستفتح وقال جئت أبا رافع بهدية ففتحت له امرأته فلما رأت السلاح أرادت أن تصيح فأشاروا إليها بالسيف فسكتت فدخلوا عليه فما عرفوه إلا ببياضه كأنه قبطية فعلوه بأسيافهم قال بن أنيس وكنت رجلا أعشى لا أبصر فأتكيء بسيفي على بطنه حتى سمعت خشة في الفراش وعرفت أنه قد قضى وجعل القوم يضربونه جميعا ثم نزلوا وصاحت امرأته فتصايح أهل الدار واختبأ القوم في بعض مناهر خيبر وخرج الحارث أبو زينب في ثلاثة آلاف في آثارهم يطلبونهم بالنيران فلم يروهم فرجعوا ومكث القوم يومين حتى سكن الطلب ثم خرجوا مقبلين إلى المدينة كلهم يدعي قتله فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أفلحت الوجوه فقالوا أفلح وجهك يا رسول الله وأخبروه خبرهم فأخذ أسيافهم فنظر إليها فإذا أثر الطعام في ذباب سيف عبد الله بن أنيس فقال هذا قتله سرية عبد الله بن رواحة إلى أسير بن زارم‏:‏ ثم سرية عبد الله بن رواحة إلى أسير بن زارم اليهودي بخيبر في شوال سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لما قتل أبو رافع سلام بن أبي الحقيق أمرت يهود عليهم أسير بن زارم فسار في غطفان وغيرهم يجمعهم لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجه عبد الله بن رواحة في ثلاثة نفر في شهر رمضان سرا فسأل عن خبره وغرته فأخبر بذلك فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فانتدب له ثلاثون رجلا فبعث عليهم عبد الله بن رواحة فقدموا على أسير فقالوا نحن آمنون حتى نعرض عليك ما جئنا له قال نعم ولي منكم مثل ذلك وقالوا نعم فقلنا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا إليك لتخرج إليه فيستعملك على خيبر ويحسن إليك فطمع في ذلك فخرج وخرج معه ثلاثون رجلا من اليهود مع كل رجل رديف من المسلمين حتى إذا كنا بقرقرة ثبار ندم أسير فقال عبد الله بن أنيس وكان في السرية وأهوى بيده إلى سيفي ففطنت له ودفعت بعيري وقلت غدرا أي عدوا الله فعل ذلك مرتين فنزلت فسقت بالقوم حتى انفرد لي أسير فضربته بالسيف فأندرت عامة فخذه وساقه وسقط عن بعيره وبيده مخرش من شوحط فضربني فشجني مأمومة وملنا على أصحابه فقتلناهم كلهم غير رجل واحد أعجزنا شدا ولم يصب من المسلمين أحد ثم أقبلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثناه الحديث فقال قد نجاكم الله من القوم الظالمين سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين‏:‏ ثم سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين في شوال سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا قدم نفر من عرينة ثمانية على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا واستوبأوا المدينة فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لقاحه وكانت ترعى بذي الجدر ناحية قباء قريبا من عير على ستة أميال من المدينة فكانوا فيها حتى صحوا وسمنوا فغدوا على اللقاح فاستاقوها فيدركهم يسار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر فقاتلهم فقطعوا يده ورجله وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فبعث في أثرهم عشرين فارسا واستعمل عليهم كرز بن جابر الفهري فأدركوهم فأحاطوا بهم وأسروهم وربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قدموا بهم المدينة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغابة فخرجوا بهم نحوه فلقوه بالزغابة بمجتمع السيول وأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم فصلبوا هناك وأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا الآية فلم يسمل بعد ذلك عينا وكانت اللقاح خمس عشرة لقحةغزارا فردوها إلى المدينة ففقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لقحة تدعى الحناء فسأل عنها فقيل نحروها سرية عمرو بن أمية الضمري‏:‏ ثم سرية عمرو بن أمية الضمري وسلمة بن أسلم بن حريس إلى أبي سفيان بن حرب بمكة وذلك أن أبا سفيان بن حرب قال لنفر من قريش ألا أحد يغتال محمدا فإنه يمشي في الأسواق فأتاه رجل من الأعراب فقال قد وجدت أجمع الرجال قلبا وأشده بطشا وأسرعه شدا فإن أنت قويتني خرجت إليه حتى أغتاله ومعي خنجر مثل خافية النسر فأسوره ثم آخذ في عير وأسبق القوم عدوا فإني هاد بالطريق خريت قال أنت صاحبنا فأعطاه بعيرا ونفقة وقال اطو أمرك فخرج ليلا فسار على راحلته خمسا وصبح ظهر الحرة صبح سادسة ثم أقبل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دل عليه فعقل راحلته ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مسجد بني عبد الأشهل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا ليريد غدرا فذهب ليجني على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجذبه أسيد بن الحضير بداخلة إزاره فإذا الخنجر فسقط في يديه وقال دمي دمي فأخذ أسيد بلبته فدعته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اصدقني ما أنت قال وأنا آمن قال نعم فأخبره بأمره وما جعل له أبو سفيان فخلى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية وسلمة بن أسلم إلى أبي سفيان بن حرب وقال إن أصبتما منه غرة فاقتلاه فدخلا مكة ومضى عمرو بن أمية يطوف بالبيت ليلا فرآه معاوية بن أبي سفيان فعرفه فأخبر قريشا بمكانه فخافوه وطلبوه وكان فاتكا في الجاهلية وقالوا لم يأت عمرو لخير فحشد له أهل مكة وتجمعوا وهرب عمرو وسلمة فلقي عمرو عبيد الله بن مالك بن عبيد الله التيمي فقتله وقتل آخر من بني الديل سمعه يتغنى ويقول ولست بمسلم ما دمت حيا ولست أدين دين المسلمينا ولقي رسولين لقريش بعثتهما يتحسبان الخبر فقتل أحدهما وأسر الآخر فقدم به المدينة فجعل عمرو يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك‏.‏